ما الذي ينتظر مستثمري السندات؟

بعد عام 2024 الرائع، شهدت سوق السندات بداية متذبذبة إلى حد ما في عام 2025. ومع عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية، عادت التعريفات الجمركية والسياسات المناهضة للهجرة إلى الصدارة. كما استقر اتجاه الانكماش الذي شهدناه خلال معظم عامي 2023 و2024، وخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي توقعات خفض أسعار الفائدة في المستقبل.

مع تصاعد التوترات التجارية عالميًا، عاد الحديث عن تأثير التعريفات الجمركية الأخيرة على الأسواق المالية، لا سيما سوق السندات، حيث يواجه المستثمرون تحديات جديدة مع تغير معادلات المخاطر والعوائد. فكيف ستؤثر هذه السياسات على جاذبية السندات، وما السيناريوهات المتوقعة للفترة القادمة؟

ارتفاع التعريفات الجمركية وتبعاته على السندات

أعلنت بعض الاقتصادات الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فرض تعريفات جمركية جديدة على سلع استراتيجية في إطار سياسات حمائية تهدف لدعم الصناعات المحلية. لكن هذا التحرك يحمل في طياته آثارًا أوسع على الاستثمارات المالية، حيث ينعكس بشكل مباشر على معدلات التضخم، الفائدة، ومعدلات النمو الاقتصادي.

عندما ترتفع التعريفات الجمركية، تميل الشركات إلى تمرير التكاليف الإضافية إلى المستهلكين، مما يؤدي إلى زيادة معدلات التضخم. وبدوره، يدفع التضخم البنوك المركزية إلى تشديد سياساتها النقدية عبر رفع أسعار الفائدة، وهو ما يمثل تحديًا جوهريًا لحاملي السندات، خاصة السندات طويلة الأجل.

مخاوف المستثمرين: العائدات في مواجهة التضخم

ويواجه المستثمرون في السندات معضلة أساسية: ألا وهى ارتفاع الفائدة  مما يجعل السندات القديمة ذات العوائد الأقل أقل جاذبية، ما يؤدي إلى انخفاض أسعارها في السوق الثانوية. في المقابل، تظل السندات الجديدة، التي تصدر بعوائد أعلى، أكثر جاذبية، مما يزيد من تقلبات السوق.

ومع تزايد التوقعات بأن البنوك المركزية قد تلجأ إلى رفع إضافي للفائدة لكبح التضخم الناتج عن التعريفات، يواجه مستثمرو السندات تحديًا مزدوجًا: إما الاحتفاظ بالسندات رغم انخفاض قيمتها السوقية، أو البحث عن بدائل استثمارية أقل تأثرًا بالفائدة.

في ظل هذه التحولات، يبدو أن تنويع المحافظ الاستثمارية هو النهج الأكثر حكمة. يمكن للمستثمرين الموازنة بين السندات قصيرة الأجل، التي تتأثر أقل بتغيرات الفائدة، والأصول الأخرى التي توفر عوائد متوازنة.

وتختلف السيناريوهات المستقبلية والحديث عن إلى أين تتجه الأسواق؟

1. ارتفاع العوائد على السندات الجديدة

إذا استمرت معدلات التضخم في الارتفاع نتيجة التعريفات الجمركية، فإن العوائد على السندات الجديدة سترتفع، مما قد يجعلها خيارًا جذابًا للمستثمرين الجدد، لكنه سيؤثر سلبًا على حاملي السندات القديمة.

2. انتقال رؤوس الأموال إلى أصول أخرى

في حال تزايد التقلبات، قد يلجأ المستثمرون إلى الذهب، الأسهم ذات العوائد المرتفعة، أو حتى العملات الرقمية، كملاذ آمن بديل للسندات التقليدية.

3. تدخل البنوك المركزية

إذا تباطأ النمو الاقتصادي بشكل حاد نتيجة السياسات الحمائية، فقد تضطر البنوك المركزية إلى إعادة النظر في سياسات رفع الفائدة، مما قد يمنح سوق السندات بعض الاستقرار.

وتظل السندات جزءًا أساسيًا من أي محفظة استثمارية، لكن رياح السياسات التجارية الجديدة تضيف مستوى إضافيًا من التعقيد لمعادلة المخاطر والعوائد. وفي ظل حالة عدم اليقين الحالية، تبقى المرونة والتخطيط الاستراتيجي المفتاح الأساسي للحفاظ على المكاسب وتقليل المخاطر.حيث  يواجه مستثمرو السندات تحديًا مزدوجًا: إما الاحتفاظ بالسندات رغم انخفاض قيمتها السوقية، أو البحث عن بدائل استثمارية أقل تأثرًا بالفائدة.

وفي ظل هذه التحولات، يبدو أن تنويع المحافظ الاستثمارية هو النهج الأكثر حكمة. يمكن للمستثمرين الموازنة بين السندات قصيرة الأجل، التي تتأثر أقل بتغيرات الفائدة، والأصول الأخرى التي توفر عوائد متوازنة.

ومن خلال ماسبق نخرج بحتمية أن تظل السندات جزءًا أساسيًا من أي محفظة استثمارية، لكن رياح السياسات التجارية الجديدة تضيف مستوى إضافيًا من التعقيد لمعادلة المخاطر والعوائد. وفي ظل حالة عدم اليقين الحالية، تبقى المرونة والتخطيط الاستراتيجي المفتاح الأساسي للحفاظ على المكاسب وتقليل المخاطر.