السبت، 19 أبريل 2025

06:47 ص

"عالم على حافة العزلة التجارية".. هل تقود الرسوم الجمركية أمريكا إلى أزمة داخلية؟

الإثنين، 07 أبريل 2025 08:11 م

هلا محمد

صورة ارشيفية

صورة ارشيفية

تحليل – هلا محمد 

في عالم مترابط اقتصاديًا، لا يمكن لأي دولة أن تفرض العزلة التجارية دون أن تصاب هي الأخرى بندوب. وإذا ما استمرت سياسة التعريفات والرسوم دون رادع، فإن "أمريكا أولاً" قد تتحول إلى "أمريكا وحدها" – بثمن اقتصادي باهظ.
 ووسط موجة التصاعد  وفرض الرسوم الجمركية والتدابير الحمائية في الأسواق العالمية، تتكشف معالم أزمة تجارية قد تكون الأعمق منذ عقود. قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية جديدة على واردات من أوروبا والصين ودول أخرى، لم يشعل فقط فتيل حرب تجارية شاملة، بل أعاد ترتيب أولويات التجارة العالمية، واضطر الشركات والأسواق لإعادة حساباتها من جديد.

تخبط سياسات.. وعالم ينزلق نحو الحمائية
السياسات الأمريكية الأخيرة، التي اتخذت من "حماية الصناعة المحلية" شعارًا لها، دفعت بالعديد من الشركاء التجاريين إلى الرد بتدابير مضادة، وسط تصاعد غير مسبوق في الاحتكاكات التجارية. أوروبا هددت بإجراءات انتقامية، والصين توعدت بـ"رد قوي"، بينما بدأت دول أخرى في إعادة تقييم اتفاقياتها التجارية مع واشنطن.

التوترات أثارت حالة من عدم اليقين في الأسواق العالمية، إذ شهدت البورصات تراجعات حادة، وارتفعت مؤشرات تقلبات السوق، وتزايد الإقبال على الملاذات الآمنة كالذهب والفرنك السويسري والين الياباني.

ضغوط متصاعدة على الشركات الأمريكية
بعيدًا عن الشعارات السياسية، تشير أرقام الواقع إلى أن الشركات الأمريكية ذاتها بدأت تدفع ثمن هذه السياسة. فالتعريفات المفروضة على المواد الخام والمكونات المستوردة تسببت في رفع تكاليف الإنتاج، ما دفع بعض المصانع إلى تقليص الإنتاج أو إعادة هيكلة خطوط التوريد.

تقارير اقتصادية حديثة توقعت أن تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة في أمريكا ضغطًا مزدوجًا: ارتفاع التكاليف من جهة، وتراجع القدرة التنافسية في الأسواق الدولية من جهة أخرى. وفي حال استمرار الرسوم لفترة مطوّلة، قد نشهد موجة من إغلاقات المصانع أو انتقالها إلى دول أخرى أقل تكلفة.

أثر عالمي متشعب
الرسوم الجمركية لا تضر فقط بالشركاء التجاريين للولايات المتحدة، بل تُخلخل سلاسل الإمداد العالمية المتشابكة، خاصة في القطاعات التكنولوجية، والسيارات، والمواد الغذائية. وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدلات التضخم في عدد من الدول، وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي عالميًا بنسبة تصل إلى 0.5% في 2025، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي.

هل من أفق للحل؟
الرهان حاليًا على قدرة الدبلوماسية الاقتصادية على كبح جماح هذه السياسات قبل أن تتحول إلى أزمة شاملة. بعض المحللين يعتقدون أن الضغط الداخلي من مجتمع الأعمال الأمريكي قد يجبر الإدارة على إعادة التفكير، خاصة مع اقتراب الانتخابات وازدياد القلق من تأثير هذه السياسات على الوظائف والنمو.
 

search